هل تعلم ما أغلى كويكب في التاريخ حتى الآن حسب الأسعار الحالية؟ إنه كويكب في نظامنا الشمسي يقع بين المريخ والمشتري اسمه 16 Psyche بعرض 226 كيلومترا، ويحتوي على معدن الحديد والنيكل والذهب بقيمة عشرة آلاف كوادريليون دولار “كوادريليون هو عدد يساوي مليون مليار أو 15 صفرا بجانب الواحد”، وهذا الرقم الهائل يعادل 100 ألف مرة الناتج الإجمالي العالمي حاليا، والحجم الإجمالي للذهب هو تقريبا الحجم نفسه الموجود على كوكب الأرض بأكمله تقريبا. وقد كان من المقرر إطلاق مركبة الفضاء Psyche التابعة لـ”ناسا” في آب (أغسطس) 2022 لتصل إلى الكويكب في 2026، لكن نظرا إلى وجود مشكلات برمجية وتطويرية، فقد تقرر تأجيل الرحلة إلى 2023. ومن المعروف أنه توجد طريقتان شائعتا الاستخدام في صناعة التعدين، وهما: التعدين السطحي والتعدين الأرضي. ويعد التعدين السطحي حاليا التقنية الأكثر شيوعا في جميع أنحاء العالم. وفي مقال سابق، تحدثنا عن التعدين النباتي، وكيف أنه لا يزال في مرحلة البحث والتطوير. وبالمثل، فإن التعدين الفضائي لا يزال حلما يراود كثيرين، والذي لو تحقق وأثبت مدى جدواه الاقتصادية، فستكون صناعة التعدين الحالية في خطر حقيقي.
وقبل أن نبدأ الحديث عن التعدين الفضائي أو تعدين الفضاء، دعونا نتعرف على تاريخ معدن الألمنيوم الذي يعـد من أكثر المعادن وفرة على وجه الأرض وواحدا من أرخص المعادن، وأصبح الألمنيوم الآن موجودا في كل مكان للتطبيقات الحديثة، مثل الطرق وتشييد المستشفيات والمباني والمطارات وصناعة السيارات وأجهزة الحاسب والأقمار الاصطناعية والشبكات الكهربائية. لقد كان معدن الألمنيوم في منتصف القرن الـ19 أغلى قيمة من الذهب حيث كان حبيسا داخل خامة دون معرفة طريقة قابلة للتطبيق تجاريا لإطلاقه آنذاك.
وبمجرد اكتشاف العلماء الألمنيوم وعزله في منتصف القرن الــ19 الميلادي، كان لا يزال معدنا نادرا للغاية لدرجة أنه تم عده كأحد المعادن الثمينة التي تعرف بأنها العنصر المعدني النادر الذي يحدث بشكل طبيعي، وله قيمة اقتصادية عالية. ولكن سعر الألمنيوم أخذ في الانخفاض من 12 دولارا للرطل في 1880 إلى 4.86 دولار في 1888 إلى 78 سنتا في 1893، ثم أصبح 20 سنتا للرطل فقط بحلول الثلاثينيات. والسبب يعود إلى سوق الطلب والعرض، حيث ارتفع عرض معدن الألمنيوم في السوق كثيرا نظير سهولة استخراجه، وبالتالي انخفض سعره وأصبح في متناول الجميع، ويراوح سعر الألمنيوم الحالي بين 0.75 و1.50 دولار للرطل.
من جانب آخر، تتكون مجموعة المعادن النادرة من حيث الوفرة في قشرة الأرض من الذهب والبلاتين والأوزميوم والإيريديوم والبلاديوم والروثينيوم والروديوم والتيلوريوم والرينيوم. وتختلف هذه المعادن عن معادن الأرض النادرة، التي ليست نادرة في الواقع من حيث الوفرة، لكن نادرا ما توجد في رواسب الخام المركزة. ومعادن الأرض النادرة هي مجموعة من 17 عنصرا مثل السكانديوم والإيتريوم وغيرهما، وتدخل في 200 صناعة على الأقل.
وحيث إن أسعار هذه المعادن تعـد فلكية، فماذا لو تكاثفت الجهود البشرية واستطاعت تعدين الفضاء وجلب المعادن النادرة منه؟ ماذا لو استطعنا بالفعل استخراج المعادن الثمينة من الكويكبات والكواكب التي تقدر بالثروات الهائلة بالسعر الحالي؟ وبحكم سوق الطلب والعرض، هل سنرى هبوطا كبيرا لأسعار هذه المعادن كما حصل قبلا مع معدن الألمنيوم؟… يتبع.
كيف يمكن للكويكب 16 Psyche أن يؤثر على سوق الذهب والمعادن الثمينة؟
اتى للكشف عن ثروات هائلة في الكواكب والأجرام السماوية. ومع اكتشاف كويكب 16 Psyche، تجدد الأمل في أن الحلم قد يصبح حقيقة قريبة.
إن كويكب 16 Psyche الذي يقع بين المريخ والمشتري ليس كويكبا عاديا، بل هو من بين أغلى الأجرام السماوية على الإطلاق. بحسب الأسعار الحالية، يحتوي هذا الكويكب الذي يبلغ عرضه 226 كيلومتر على كميات هائلة من الحديد والنيكل والذهب تصل قيمتها إلى عشرة آلاف كوادريليون دولار. ولتوضيح حجم هذه الثروة الهائلة، فإن هذا الرقم يعادل ما يقرب من 100 ألف مرة الناتج الإجمالي العالمي الحالي.
كما أن حجم الذهب الموجود على كويكب 16 Psyche يقترب من الحجم الإجمالي للذهب المتواجد على كوكب الأرض بأكمله. وهذا يعني أن اكتشاف واستغلال هذا الكويكب يمكن أن يغير بشكل جذري سوق الذهب والمعادن الثمينة.
من المخطط أن تطلق وكالة الفضاء الأمريكية ناسا مركبة الفضاء Psyche لاستكشاف هذا الكويكب في 2023 بدلا من 2022 كما كان مخططا. ويعزى تأخير الرحلة لوجود مشاكل برمجية وتطويرية تحتاج إلى حلها. ومن المتوقع أن تصل المركبة إلى كويكب 16 Psyche في عام 2026.
ومع ذلك، فإن التعدين في الفضاء ليس حقيقة تم تحقيقها بعد. ومثل التعدين النباتي الذي لا يزال في مرحلة البحث والتطوير، فإن التعدين الفضائي لا يزال حلما غير مادي. ومع ذلك، يعتبر اكتشاف الكويكبات الغنية بالمعادن مثل 16 Psyche خطوة هامة نحو تحقيق هذا الحلم. فإذا تمكن العلماء والمهندسون من تطوير تقنيات ووسائل لاستخراج واستغلال المعادن في الفضاء، فقد يكون لدينا مصدر جديد وغير محدود للثروة والموارد الطبيعية.